روائع مختارة | واحة الأسرة | أولاد وبنات (طفولة وشباب) | نحو دور تربوي ايجابي منشود

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > أولاد وبنات (طفولة وشباب) > نحو دور تربوي ايجابي منشود


  نحو دور تربوي ايجابي منشود
     عدد مرات المشاهدة: 11516        عدد مرات الإرسال: 0

تعتبر تربية الأبناء مسؤولية عظيمة أمام الله عز وجل إذ في صلاحهم صلاح المجتمع والأمة وعليهم تعقد الآمال ولعل تربية الأبناء والتعامل معهم فن يستعصى على كثير من الآباء والأمهات والمربين وكثيرا ما يتساءل الآباء والمربون عن أجدى السبل للتعامل مع أبنائهم.

ولكي نحسن التربية يجب إعادة النظر في بؤر الإهتمام والوسائل والأساليب المستخدمة في تربيتهم وما هي طرق التفكير المتبعة لإحداث تربية أصيلة في عصر متغير، ولا شك بان القضية الحاسمة في هذا الموضوع تكمن في رأيي في توثيق عرى المحبة بين الآباء والأبناء وهذا يلقي بكاهل المسؤولية على الآباء والأمهات والمربين إذ لا حاجة في الألفية الثالثة التي نعيش إلى المربي الاستاتيكي الخامل بل نحن في أمس الحاجة إلى المربي الحصيف الواعي المتميز القادر على تربية أبنائه والسير بهم على مدارج النماء والعطاء والتميز.

والذي يمعن النظر في الواقع التربوي لكثير من أسرنا يجد أن هناك قصورا بالغا في هذا المضمار، ويرجع هذا القصور بالدرجة الأولى إلى إن الكثير من الآباء والأمهات والمربين بحاجة إلى إعادة النظر وإحداث ثورة عارمة في أعماق النفس لإدراك مكنونات البعد التربوي لتربية الأبناء فالقصور لدى الآباء والأمهات في بؤر الإهتمام والأساليب والوسائل ونمط التفكير وتغيير القناعات والمسلمات في كثير من الأحايين يتطلب وقفة جادة ينبغي أن تسبق تربية الأبناء إذ أن معرفة الخصائص النفسية لكل مرحلة من مراحل الأبناء العمرية وسبل التعامل معها وطرق التفاكر والتفكير تعتبر من أولى الأولويات لتوثيق عرى المحبة بين الآباء والأبناء.

وفي ظل التجاذبات التي تكتنف العملية التربوية، وفي ظل الواقعيات التفكيرية التربوية التي ألفها الآباء والأمهات فان البحث عن سبل تدفق وجريان جديدة لأساليب تربوية حديثة تجعل حياة الأبناء خالية من العوائق تتسم بالإيجابية أصبحت ضرورة ملحة وهي تغرز الحاجة إلى ممارسة تبصرات تربوية جديدة ورؤى مستقبلية وأنماط تفكيرية لدور تربوي منشود للآباء والأمهات في تربية أبنائهم من خلال تحدى المألوف والواقع وصولا إلى الأفضل والأميز والأنجع.

وللقيام بدور تربوي إيجابي بناء إتجاه أبنائنا فلا بد من نقل بؤرة الإهتمام من التركيز على المشكلة إلى التركيز على حل المشكلة، ذلك أن أي سلوك إنساني ينطلق من قاعدة فكرية وقناعات ومعتقدات... ولعل الإسلام كان أول من أسس قواعد هذه الحقيقة العلمية وهو يركز على العقيدة الصحيحة كونها المولد الرئيس للسلوك الحسن والعمل الصالح ولم يكن غريبا أن يركز النبي صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة وبناء النفوس ولمدة ثلاث عشرة سنة على إصلاح العقيدة وتمتين المعتقدات وتنقية الفكر مما التصق به من جاهلية ومعتقدات وسلبيات غير صحيحة.

إن المربي الذي يلجأ لأساليب سلبية في التعامل مع أبنائه هو في الواقع ينطلق من أفكار سلبية ويتحكم في سلوكه تفكير سلبي والتعبير عن المشكلة جزء من الصورة التي بداخلك عن هذه المشكلة وإن أول خطوة لتغيير التفكير السلبي السائد التركيز على تقييم الأخطاء الناجمة عن هذا النمط من التفكير.

والإسلام دين التفاؤل فهو الذي يوصي أبناءه بحسن الظن بالله -أحسنوا الظن بالله- ويفتح أبواب المغفرة على مصراعيه وأبواب التوبة، كل ذلك من شأنه أن يربي الإنسان الإيجابي المتفائل.

وتفاديا للتضخيم والمبالغة التي يمكن الوقوع في شراكها أمام مواقف وسلوكيات مرفوضة أو أخطاء تربوية من الآباء والمربين... تفاديا لكل هذا، يمكن التحكم إيجابيا في المواقف الحرجة من خلال إلغاء الأفكار السلبية والمواقف السلبية والأحاسيس المتشنجة غضبا وتوترا وندما وإستبدال ذلك بالتفكير الإيجابي إذ إن التركيز على تكرار الخطاء وفتح باب لو واسعا لا يقدم المربي خطوة إيجابية نحو تحقيق أهداف التربية الإيجابية... بينما كلمة الآن -وما العمل... أين الحل؟- تفتح آفاقا للحلول والبدائل الإيجابية البناءة وهي قبل هذا تجعل المربي شخصاً هادئا، مفكرا، مخططا مركزاً على الحلول، يقوم بدور تربوي بناء، يعالج ويصلح ويبني السلوك الإيجابي...

إن نقل بؤرة الإهتمام من التركيز على المشكلة إلى التركيز على الحل تجعلنا نتذكر أن غالبية المشكلات التي نخشاها ليست نهاية المطاف وليست مشكلات بلا حلول... هذا الإعتقاد وحده يكفي لجعل الآباء والمربين في حالة إسترخاء وهدوء يتعلمون من خلالها الصبر والأناة والحلم ويكتشفون مهارتهم وقدراتهم الإبداعية في إيجاد الحلول وتفادي المشكلات للقيام بدور تربوي منشود.

وهذا الدور ينشئ علاقات متميزة داخل الأسرة ويساهم في إيجاد نموذج رائع لأسرة متعاونة ومتراصة.

والنقطة الأخرى التي لابد من ايلاءها أهمية قصوى وهي أن الكثير من الآباء والأمهات يحاولون إدارة أبنائهم بالقوة والصوت العالي أو الريموت كنترول، والمشكلة في هذه الحلول السريعة التي تشبه المسكنات هي أن معظم مشكلات أبنائنا مع العالم ومشكلاتنا نحن معهم ناتجة في إعتقادي الشخصي عن أخطاء الآباء وليس الأبناء وهذا يتطلب التدخل الإيجابي مع الأبناء من خلال الدوائر والمحاور التي تستطيع التأثير فيها ومن خلالها، فالمشاركة الإيجابية مهما كانت محدودة فهي الحل الوحيد للارتقاء بتربية أبنائنا وإدارتهم بفعالية لكي يحققوا التفوق المنشود في حياتهم العملية.

أضف إلى ذلك أن خلق جو من الحوار يحول حالة السكون التي تحكم علاقة الآباء بالأبناء   -الجواهر- كما وصفهم الغزالي إلى حوار بالدفء المشوق حين الإستماع، وإذا ما أدركنا ذلك عندها لابد أن نعلن كسر حاجز الصمت الذي ربما يكون قد طغى على علاقة الآباء بالأبناء وإستبدال كلماتنا وعباراتنا القديمة بعبارات تشعر الأبناء بمدى حبنا لهم فلابد أن نترجم حبنا لأبنائنا لا أن نعلنه أمام الملأ دون أن ندونه عملياً من خلال حوار فعال يستمتعون بسنوات عمرهم كباراً كانوا ام صغاراً، وليكن هذا شعار الآباء والأمهات رغم مشاغل الحياة فالآم المخاض والولادة التي أثمرت الأبناء يجب أن لا تذهب سدى وان تكرس لأجلهم، وان لا ننسى أن ما يجمل الحوار ويجعله أكثر جمالاً بعض لمسات الحب التي نغدقها على أبنائنا، أو أذرعة تحوطهم بالأحضان، وأيد تربت على أكتافهم عندها سيكون تأثير الحوار أعمق وسيكون الأبناء -الجواهر- أكثر لمعاناً في الحياة أمام أعيننا وأعين الآخرين.

وفي الختام أقول لأنهم قرة العين وفلذات الأكباد ولأنهم زينة الحياة، علينا أن نفهم كيف يفكرون؟ لماذا يغضبون؟ كيف نقودهم لبر الأمان، حتى تنغرس بذرتهم في الدنيا فيثمرون... فنفرح بهم وتفرح بهم أوطانهم.

هم أطفال يحتاجون منا الكثير... عناية ورعاية وتربية وحناناً، قد يبدو الأمر صعباً، والطريق شاق، لكن مع بعض الإطلاع والحرص على التعرف على كل جديد، نجد كل صعب أصبح يسيرا ً.....

الكاتب: د. توفيق زايد الرقب.

المصدر: المنتدي الإسلامي العالمي للإسرة والمرأة.